سورة الأنفال - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}
أخرج أحمد والبزار وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن مطرف قال: قلنا للزبير: يا أبا عبد الله ضيعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه؟ فقال: الزبير رضي الله عنه: إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر وعثمان رضي الله عنهم {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}، ولم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت فينا حيث وقعت.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن الزبير رضي الله عنه قال: لقد قرأنا زماناً وما نرى إنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: البلاء، والأمر الذي هو كائن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: أما والله لقد علم أقوام حين نزلت أنه سيخص بها قوم.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: علم- والله- ذو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية أنه سيكون فتن.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: هذه نزلت في أهل بدر خاصة، فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا، فكان من المقتولين طلحة والزبير وهما من أهل بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: أخبرت أنهم أصحاب الجمل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: تصيب الظالم والصالح عامة.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} قال: هي يحول بين المرء وقلبه حتى يتركه لا يعقل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واتقوا فتنة...} الآية. قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب.


{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}
أخرج ابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {واذكروا إذ أنتم قليل...} الآية. قال: كان هذا الحي أذل الناس ذلاً، وأشقاه عيشاً، وأجوعه بطوناً، وأعراه جلوداً، وأبينه ضلالة، معكوفين على رأس حجر بين فارس والروم. لا والله ما في بلادهم يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقياً، ومن مات منهم ردى في النار، يؤكلون ولا يأكلون. لا والله ما نعلم قبيلا ًمن حاضر الأرض يومئذ كان أشر منزلاً منهم حتى جاء الله بالإِسلام فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلكم به ملوكاً على رقاب الناس، وبالإِسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا لله نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله عز وجل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {يتخطفكم الناس} قال: في الجاهلية بمكة فآواكم إلى الإِسلام.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه في قوله: {يتخطفكم الناس} قال: الناس إذ ذاك: فارس والروم.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس} قيل: يا رسول الله ومن الناس؟ قال «أهل فارس».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله: {فآواكم} قال: إلى الأنصار بالمدينة {وأيدكم بنصره} قال: يوم بدر.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه. أن أبا سفيان خرج من مكة، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا. فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان: إن محمداً صلى الله عليه وسلم يريدكم، فخذوا حذركم، فأنزل الله: {لا تخونوا الله والرسول} الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن قتادة رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية {لا تخونوا الله والرسول} في أبي لبابة بن عبد المنذر، سألوه يوم قريظة ما هذا الأمر؟ فأشار إلى حلقه أنه الذبح، فنزلت قال أبو لبابة رضي الله عنه: ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله.
وأخرج سنيد وابن جرير عن الزهري رضي الله عنه في قوله: {لا تخونوا الله والرسول...} الآية. قال: «نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلى حلقه أنه الذبح، فقال أبو لبابة رضي الله عنه: لا والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب عليّ، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى خر مغشياً عليه، ثم تاب الله عليه فقيل له: يا أبا لبابة قد تيب عليك. قال: لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني. فجاء فحله بيده».
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا لبابة رضي الله عنه إلى قريظة وكان حليفاً لهم، فأومأ بيده أي الذبح، فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمرأة أبي لبابة. «أيصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة؟» فقالت: إنه ليصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة ويحب الله ورسوله. فبعث إليه فأتاه فقال: يا رسول الله والله إني لأصلي وأصوم وأغتسل من الجنابة. وإنما نهست إلى النساء والصبيان فوقعت لهم ما زالت في قلبي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول} قال: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه نسختها الآية التي في براءة {وآخرون اعترفوا بذنوبهم} [ التوبة: 102].
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما كان شأن بني قريظة، بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه فيمن كان عنده من الناس، انتهى إليهم وقعوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس أبلق، فقالت عائشة رضي الله عنها: فلكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح الغبار عن وجه جبريل عليه السلام، فقلت: هذا دحية يا رسول الله؟ قال: «هذا جبريل».
فقال: يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكيف لي بحصنهم؟» فقال جبريل عليه السلام: إني أدخل فرسي هذا عليهم، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً معروراً، فلما رآه علي رضي الله عنه قال: يا رسول الله لا عليك أن لا تأتيهم فإنهم يشتمونك. فقال: «كلا إنها ستكون تحية»، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أخوة القردة والخنازير». فقالوا: يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً...؟! فقالوا: لا ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم ولكننا ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا فحكم فيهم: أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بذلك طرقني الملك سحراً»، فنزل فيهم {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه، أشار إلى بني قريظة حين قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، لا تفعلوا فإنه الذبح وأشار بيده إلى حلقه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لا تخونوا الله} قال: بترك فرائضه {والرسول} بترك سنته وارتكاب معصيته {وتخونوا أماناتكم} يقول: لا تنقصوها والأمانة التي ائتمن الله عليها العباد.
وأخرج ابن جرير عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في قتل عثمان رضي الله عنه.
وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه في قوله: {لا تخونوا الله والرسول} هو الإِخلال بالسلاح في المغازي.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما منكم من أحد إلا وهو يشتمل على فتنة لأن الله يقول {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مضلات الفتن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة} قال: فتنة الاختبار اختبرهم وقرأ قول الله تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} [ الأنبياء: 35].

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9